قرأت مقال بعنوان ''الانجليز بعيون عربية'' نشر قبل عدة سنوات في مجلة ''المعرفة'' التربوية التي تصدر دوريا من وزارة المعارف في السعودية، وكان من احد المواضيع الملفتة في الملف هو (المقارنة بين برودة الاعصاب لدى الانجليز والعرب) اذ جاء في هذا المقال الصغير لكاتبه العربي المقيم في لندن ''خالد القشطيني'' يقول:.
الواقع ان الصمت والسكوت من مميزات الحياة البريطانية، ترى الزوج يخرج مع زوجته في مشوار لساعات دون ان يقول أي منهما كلمة واحدة للآخر، وهي طريقة حكيمة في تفادي المشكلات تعلمتها منهم، واوصي بها اخواني العرب، وعندما تسمع ''ضجيجا ولغطا'' في حافلة او عربة قطار فاكبر احتمال ان المتسببين فيه اجانب وليسوا انجليزا.
لذا اعتدت فيما بعد ان انظر مليا في القطار من غير الانجليز، وذات يوم سألت زميلتي الرسامة ''نزيهة رشيد'' كيف استطعت ان تقضي ساعتين مع هذا الرجل الانجليزي في المقهى.
فقالت: لا!! هذا الرجل انجليزي ناطق.
وبدلا من الكلام والصياح يستعمل الانجليز ''لغة العيون'' فقلما تسمع شرطيا ينطق بكملة واحدة في تعامله او تنظيمه للمرور في الشارع، انها دائما مسألة تبادل النظرات بين السائق والشرطي، نحن العرب نستعمل لغة العيون للحب، وهم يستعملونها للاوامر والنظام.
وقد نتج عن قلة كلام الانجليز ''هدوء'' يخيم على مجالسهم وهذا الهدوء بدوره يساعدهم على الكلام ''بصوت منخفض''.
ويتابع مستر خالد قائلا: وكانت هذه مشكلة بالنسبة لي، فقد واجهت صعوبة في سماع كلامهم وتتبع ما يقولون، فاللغة الانجليزية مصممة للكلام الهادئ من طرف اللسان، مما يجعل زوجتي تستغرب باستمرار من ازدواجية كلامي، ''فتجدني اصرخ عندما أتكلم بالعربية'' و''اهمس عندما انتقل الى الانجليزية''.
ولطالما أُعجبت ''بالطريقة الصامتة'' التي يتولون بها حل المشكلات يقف الجميع صامتين تاركين الامر للمسؤول دون ان يتدخلوا في عمله، وهذا ما يفسر الهدوء التام الذي يواجهون فيه موت أي عزيز عليهم وتشييعه الى مثواه الاخير.
والرقة الانجليزية صفة مميزة اخرى في سلوكياتهم التي تسبب لنا الكثير من المشكلات فنحن غير معتادين على قول ''شكرا'' و''عفوا'' على كل صغيرة وكبيرة، اما هم فيعتبرون اغفال ذلك جريمة اشد من القتل.
ويوجه خالد القشطيني المقيم في لندن نصيحة نختتم بها هذا الموضوع اذ يقول لاخوانه العرب: وهذه نصيحتي لكل من يذهب الى بريطانيا، افعل أي شيء ولكن لا تنس هاتين الكلمتين شكرا وعفوا.
والواقع ان القضاء البريطاني برمته يقوم على ذلك، فالاعتذار عن الجريمة وطلب الصفح من المتضرر يعتبر ظرفا مخففا جدا، وكلما جاء الاعتذار مبكرا ازداد تساهل القاضي مع المتهم، لذلك احفروا في ذاكرتكم هذه الكلمة السحرية .(Sorry)